تعتبر المسيرة الخضراء لحظة محورية في تاريخ المغرب على اعتبار أنها كانت مليئة بالدروس والعبر، و المفعمة بالأهمية والقيمة، في جو من الحماس والتعبئة المستمرة واليقظة حول قضية إعادة توحيد الأراضي، هو لحظة لتذكر الأمجاد وحشد العزم على العمل الجاد لمغرب حديث تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
ويشكل هذا الحدث الاستثنائي، المكتوب بأحرف من ذهب في تاريخ المغرب، بمثابة شهادة على إرادة البلاد بأكملها للانطلاق في طريق التنمية الشاملة والمستدامة، وعلى إصرار الشعب المغربي، من جميع مناحي الحياة، على هويته المغربية.
إن ذكرى الموكب الأخضر المنتصر الذي أبدعته عبقرية المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه، تنتصب في الذاكرة التاريخية الوطنية كحدث يؤكد للأجيال الجديدة والمستقبلية ضرورة التفكير والتأمل في معناه العميق ودلالته، والاستلهام من قيمه ودروسه ومواعظه لتعزيز وترسيخ الروح الوطنية وعناصر المواطنة الحقيقية لمواجهة التحديات والفوز برهانات الحاضر والمستقبل.
وكانت المسيرة الخضراء بمثابة انتصار دبلوماسي للمغرب. وجلبت المسيرة الاهتمام الدولي لقضية الصحراء الغربية، مما اضطر إسبانيا إلى التفاوض مع المغرب. ومنحت اتفاقيات مدريد، الموقعة عام 1975، للمغرب السيطرة على الصحراء الغربية. وكانت المسيرة الخضراء عاملا رئيسيا في المفاوضات الشيء الذي جعل الرؤية عليها على نطاق واسع حيت كانت انتصارا دبلوماسيا للمغرب. وكانت أيضا إيذانا بانتهاء فترة الاحتلال والوجود الأجنبي بربوع الصحراء المغربية، ليليها استرجاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979.
إن المغرب، اليوم، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يدافع بقوة عن حقوقه المشروعة، ويؤكد بوحدة كاملة تصميمه على الحفاظ على الوحدة الراسخة، ويؤكد للعالم بموقف الحكيم والبصير إرادته الثابتة وتعبئته الكاملة للدفاع عن حقوقه المشروعة.
كما أن المملكة اليوم جادة في إنهاء جميع أسباب الصراع التي هي من صنع الإنسان، وتسعى إلى تعزيز الأخوة في منطقة المغرب العربي وخدمة شعوبها وتعزيز تحالفاتها ورسم آفاق مستقبلها المثالي.
أصبحت الجهات الجنوبية تتمتع بكل المقومات اللازمة لتجسيد منظومة الجهوية الموسعة التي يأمل جلالة الملك أن تكون نقلة نوعية على طريق الديمقراطية المحلية، بهدف جعل هذه المناطق نموذجا للجهوية المتقدمة وتعزيز ديمقراطيتها في الشؤون المحلية، وتعزيز تألقها باعتبارها العمود الفقري لاقتصاد الوطن وحلقة الوصل بين المملكة وأعماق أفريقيا.
ولذلك، يبقى إحياء ذكرى الموكب الأخضر والملاحم الوطنية المماثلة في جميع أنحاء المملكة، الوسيلة الأمثل للحفاظ على الذاكرة التاريخية للبلاد، والحفاظ على منظومة قيم بلادنا وغرسها في نفوس الأجيال الجديدة، لتتعزز الروح الوطنية للوطن مع تعزيز الشعور بالانتماء الوطني والفخر بالهوية المغربية.
أفيتو تحتفل اليوم بهذه الذكرى المجيدة، وتشكركم على حسن متابعتكم !